مجرمون..و الله أعلم

مجرمون..و الله أعلم

يقدمها : محمد منازع

الهروب إلي السجن

كمال عبدالجابر
رواية عجيبة أغرب من الخيال بطلها تاجر ذاع صيته في الأسواق بالنزاهة والأمانة والشطارة في تجارة مواد البناء.. يتعامل بالصدق وكلمة الشرف مع المقاولين وأصحاب المشروعات وتشييد العمارات بمختلف المحافظات.. أوقعه سوء الحظ في حبائل مقاول استولي منه علي بضاعة قيمتها مليونا جنيه "وفص ملح وداب".. وعندما استصدر ضده أحكام قضائية واجبة النفاذ ارتدي المحكوم عليه ثياب إبليس وهرب الي الخارج.. وبألاعيب الشيطان أوعز الي صديقه هناك بالزج به بين جدران السجون للهروب من أعين رجال الانتربول لإعادته الي مصر لتنفيذ الأحكام عما اقترفت يداه الآثمة!
كان يعيش حياة هادئة ومستقرة في عمله بتجارة مواد البناء علي مدي سنوات عمره وقد تعدي الستين. رأس ماله الأمانة وثقة العملاء.. طبيعته السمحة وفطرته الطيبة جعلته يصنع المعروف والخير لمن حوله. لا ينتظر أجرا أو شكورا.. اعتاد تلبية متطلباتهم وبيع بضاعته بنظام التقسيط المريح ويحمد الله علي الكسب الحلال وذاع صيته في أسواق المعمار.. لم يكن يدري بأنه علي موعد مع مرارة الغدر والخداع.. يوم فوجيء بصديق عمره بصحبته زبون مقاول يطلب شراء صفقة من مواد البناء قيمتها مليونا جنيه بنظام التقسيط وبدافع من شهامة التاجر الريفية وتربيته استجاب لمطلبه بكل ارتياح واتفقا علي تسليمه الصفقة خلال أسبوعين وبالفعل.. تسلم المقاول البضاعة ووقع للتاجر علي شيكات للسداد.. وسرعان ما سقط قناع الغش والخداع من فوق وجه الزبون المراوغ المخادع سدد شيكين وتوقف عن السداد بعدما أنهي عمله في تشييد عمارة وتسليمها لأصحابها واختفي النصاب.. لجأ التاجر المخدوع الي صديقه الوسيط الذي فاجأه بالطامة الكبري بأنه وآخرين وقعوا فريسة بين أنياب المقاول استحل أموالهم بالغش والخداع والوعود الوهمية.. ووقف التاجر يحملق في وجه صديقه بذهول مصحوبا بابتسامة مُره كالعلقم بين شفتيه بأنه وضع ماله في الصفقة التي استولي عليها النصاب وصار رصيده في بنك الدنيا صفرا.. بحث عنه في كل مكان ولكن دون جدوي وكأن الأرض انشقت وابتلعته.. لم يجد أمام حيرته سوي ان يطرق باب العدالة وبيده الشيكات وأقام دعاوي قضائية أمام المحكمة اتهمه باصدار شيكات لا يقابلها أرصدة في البنوك.. أنصفته منصة العدالة بمعاقبة المقاول المتهم غيابيا بالحبس تسع سنوات.. راحت عيون مباحث تنفيذ الأحكام تطارد المحكوم عليه في كل مكان وزمان وكشفت التحريات عن الطامة الكبري بأنه هرب الي إحدي الدول العربية ويختفي بمسكن قريب له هناك. واتخذ رجال الانتربول المصري الاجراءات بالتنسيق مع السلطات الأمنية بالوطن الذي يختفي بين ربوعه المحكوم عليه الهارب والعمل علي تسليمه لتنفيذ العقوبة والأحكام.
أفادت المعلومات الأمنية بأن النصاب لجأ لألاعيب ابليس أوعز وقريبه الي بعض الأصدقاء باتهامه ببلاغات بالشرطة بالسرقة ويختال بين المحبوسين من حوله بفعلته الشيطانية بلا خجل أو حياء بعدما تعثر أمام السلطات الأمنية هناك ضبطه وتسليمه للانتربول المصري وصار يتمتع بحياة الأمان داخل السجن هناك بعدما هرب بحصاد عمر ضحاياه بغياب ضميره وتحجر مشاعره.. صار التاجر المقهور بضرب "كف بكف" ويتساءل في مرارة الي هذا الحد أعمي شيطان المال الضمائر والأبصار جعل المقاول النصاب يتخفي في جلد الثعبان فظهر الشيطان المخادع حول حياته الي ابتسامة مُرة.